رحله العمر في الدنيا
رحلة العمر
ألا ليتني طائر .. أطير بجناحي الحب و الشوق
أطير مع السحب و مع الهوى لا ألوي على شيء
أكون في حمى الحرم و أترك الدنيا خلف ظهري
لا ألوي على شيء
لا أفكر في شيء
ألا ........ أغسل القلب الذي أثقلته الذنوب
أطوف حول البيت و أصلي مع الركع السجود
يارب بقلبي شوق عارم إلى بيتك
شوق إلى مهبط الرحمات
وإلى الصلاة
والنظر إلى الكعبة
.......................................... .................................................. .. .................................................. .. ...................
هاجت المشاعر و تحركت الأشجان بعد جمود عام من الفراق
و اشتاقت القلوب و معها الأرواح إلى فردوس الأرض إلى مهبط الرحمات
وصلنا و الشوق يسبقنا إلى صحن الكعبة
و عانقت الأعين ذلك البيت المهيب
و حيثما ألقيت البصر عاد إليك بكل مشهد مضيء
و أنوار الحرم تلألأت بنور ساطع عجيب
و ألفيت البشر خلية نحل ما بين طواف و ركوع و سجود هذا يقرأ القرآن و تلك تركع و ذاك يرفع الأكف بالدعاء و التضرع
و بدا الطواف .. و استقبلنا الحجر الأسود و كبر الجمع الله أكبر
و تزاحمت الألسن بكل اللغات
بكل الأنات بكل العبرات
هنا مهبط الرحمات
هنا أعظم منظر للصلاة
هنا الكعبة حيث تسكب الدموع قطرات
تبلل الوجوه و الكل يدعو وي رجي من رب الكون الاستجابة و النفحات
اقتربنا من الكعبة و هرعت الأيادي إلى ثوبها و مالت الرؤوس تقبلها و إذا بالبكاء و النوح يسيطر على الأنحاء و تسمع الباكي و الراجي
و المريض و الأم التي طال مكوثها و لم تترك دعاء إلا خرج من أعماق قلبها
هنا الكعبة
أعظم مكان على وجه الأرض
هنا التنافس على الطاعات
الدعاء يجلل المكان
السكون مبدد بالأصوات معطر بالقرآن هنا حياة القلوب
و الغوث الرباني
الكعبة
تطوف حولها القلوب قبل الأبدان
هنا راحة المشتاق إلى الحسنات
و تسابق المحبون المؤمنون إلى طلب الرحمة و الرضا
و عند حجر إسماعيل تتزاحم الخطوات ببطء و سبحان الله لابد إلا أن تجد موضع سجود يالكرم الحنان المنان
تزايدت النبضات و هامت الأرواح إذ أن حجر إسماعيل هو جزء من داخل الكعبة
إذن نحن الآن في داخل البيت العتيق
ما أعظمه من شعور هيبة و رقة و فرحة و عبرة تخنق اللسان و يرتج عن الدعاء
كل الدنيا خضعت لجلال المكان
كل الدنيا زالت من أمام الإيمان
غلبت الدموع اللسان
و صلينا ركعتين
و خرجنا مع طوفان البشر و النفس كسيرة تطمع في البقاء
و التزمنا الكعبة فقد يسر الله لنا فجوة و نطق القلب بكل الحب لله العظيم
دموع هطلت و ألسن اشتكت من قسوة البشر و من قهر المرض
الكل يطلب و يبكي الكل يتضرع
ما أروعها من لحظات أثمن من كنوز الأرض قاطبة
لكن من الذي يستطيع المكوث ؟
و يمضي الركب إلى خلف مقام أبينا إبراهيم عليه السلام
هنا دعوة إبراهيم عليه السلام
دعاء إبراهيم عليه السلام
انظر إلى دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام و تخيله يقف وسط الصحراء ، لا زرع ، و لا ماء ، لا شراب ، و لا حياة ، كأنه فى كون ليس فيه معنى الكون ، و فى حياة ليس فيها معنى الحياة ، فما كان منه إلا أن دعا ربه قائلاً: ( رب اجعل هذا بلداً آمناً و ارزق أهله من الثمرات) فأحيا الله هذه الأرض بعد موات … مكة ، و رزق أهلها رزقاً واسعاً من حيث لا تدري ، استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام
و صلى الجميع ركعتين مصحوبة بدعاء و النظر لا يفارق الكعبة
مهوى الأفئدة ثم شربة هنيئة من ماء زمزم تحيي الأبدان بالنشاط مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه و سلم : زمزم لما شرب له
تسارعت الخطوات إلى المسعى
و إذا بهدير الأصوات يتعالى
سبحان الله كل القلوب عطشى
إلى الغوث الرباني إلى الاستعانة الإلهية
إلى تفريج الكربات و زيادة الخيرات و طلب العفو من رب السماوات
سبعة أشواط تكبير و تهليل و رجاء و لهفة بالقبول و طلب الثواب إلى الرحمة و الرضا بما قسم الله من الأقدار
انتهت الأشواط السبعة
و تم فك الإحرام و بعد أداء المناسك..
هل سيكون الفراق سهلا ؟
بل و الله صعبا جدا !
لكن الطمع في كرم الله لا ينقطع أن يقبلنا ضيوفا غير منقطعين
مجبوري الخاطر بالقبول و نعمة الاستجابة و البعد عن الرياء
فوالله ما خط القلم إلا لبعث الشوق في الأرواح إلى مهبط الأفراح
إلى إحياء القلوب بشوق ليل الحرم حيث همة المتهجدين و المستغفرين و المتضرعين
الله أكبر ما أروعه من مكان يحتوي أي زمان و ما أعظمه من مكان للنفحات الربانية و الأنوار الإيمانية
بيت الله الحرام
إنها سويعات
ليتها كانت زمنا لا ينقطع إلى يوم الوفاة
جعلنا الله الكريم دائما من ضيوف بيته الدائمين و كل القارئين
اللهم آمين