قصتي مع الصور الخليعة 2
نسيت " الذين يخشون ربهم بالغيب " و " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم "
و " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور "
و الكم الهائل من الأحاديث التي قد توقظني من سكرتي .
مر اليوم الذي يليه على هذه الحال ، كنت فيه أشره من سابقه ، كنت كالمجنون يبحث عن ليلاه .
تغيرت حالي وتبدلت أحوالي , دائما أفكر , أتهرب ، أتنصل من مسؤلياتي , أفرّعن بر أبي وأمي .
وفي
غمرة السكرة ولجة الظلمة ، استيقظت ، وقلت في نفسي : أنا ماذا فعلت ؟؟؟ هل
أنا مهبول ؟؟ لجأت إلى الله سبحانه , ندمت على ما فات أشد الدم .
كان وقع هذه المعصية كبيراً على نفسي ، بكيت وبكيت وبكيت في سجودي . وقيامي وركوعي .
ولكن النظرة كالجمرة تحرق وتبقي أثراً.
عزمت على ترك ما أنا فيه واستغفرت الله .
لكني
- والأمر بيد الله والحكم حكمه – لا أزال أعاني من توارد تلك المشاهد
والصور ، على تفكيري تشغلني كثيراً في أغلب أوقاتي ، ومع كثرة هذه الأفكار
التي ترد عليّ وإلحاحها على ذهني ، وقعت في الفخ مرة أخرى !!!
نعم وقعت في الفخ مرة أخرى ! عدت لما كنت عليه بل صرت أكثر احترافاً ومقدرةً
أظلم قلبي ، وشغفت بتلك المناظر شغف الخليل إلى خليله .
كنت أظهر للناس بمظهري السابق ، الإلتزام ، الخلق الحسن ، حفظ القرآن ....
وكنت أبطن في نفسي الكم الهائل من المناظر والصور العارية لأجساد الكفرة والفسقة .
أتوب وألجأ إلى الله ، ثم أعود مرة أخرى , على هذه الحال مراراً وتكراراً !!
نذرت على نفسي النذور وأخذت عليها العهود والمواثيق ، ولكن لا جدوى , فدائماً قلبي مشغوف بالصور .
قلت في نفسي السبب جهاز الحاسوب ، هو الذي يعيني على هذه المعصية ، ثم إن جهاز المودم هو الوسيلة الوحيدة للاتصال بهذه المواقع .
أخذت مفتاحاً ثم قمت وأنا في حنق وغضب أكسر المودم وأهشمه حتى أيقنت أنه تعطل وأصبح لا جدوى له .
حمدت الله وشكرته إذ ، لا مواقع بعد اليوم .
بقيت في حال جميلة فقد عدت إلى ما كنت عليه من التقى والصلاح .
ولكن
لا زالت المناظر التي رأيتها تُـعرض عليَّ ، ويمر طيفها على خيالي . لا
أراها بعيني ، ولكن أرها في فكري , في ذهابي ، وإيابي ، حتى في صلاتي . عشت
أياماً عصيبت , أصارع فيها نفسي , وشهواتي .
كنت المنهزم دائماً أمام
نفسي فلا ألبث أن أعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه والبحث عن مواقع السوء لا
أخفيكم سراً ، أنني مع مرور الزمن لم أكن أتلذذ برؤية هذه الصورة لذة تذكر ،
بل أحس أني أجر إليها جراً وأسعى إليها بلا سبب يدعوني إلى ذلك ، ناهيك عن
الحسرات والآهات التي كنت أتجرعها !
لا أكتمكم أيضاً أن شؤم هذه
المعصية بدأ يترآ لي بين الفينة والأخرى ، كانت المصيبة تأتيني وأقول في
نفسي هذه والله المعاصي ، هذا من النظر إلى ما حرم الله ، هذا مصداق قول
الله عز وجل : " وما أصابكم من مصيبة ٍ فبما كسبت أيدكم ..." الآية .
كم
مرة حرمت من الرزق وأنا أراه يأتي إلي ، بل والله إني أرى بعض الأمور التي
أسعى إليها من أمور الدنيا كترقية أو انتقال أو غيره ليس بين تحقيقها إلا
اليسير ، ثم أرها تذهب عني ، وتنتقل إلى غيري وقد أعقبتني حسرة وندم .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن العبد ليحرم الرزق بسبب الذنب يصيبه ) .
أعود
إليكم وأقول أنني مع ما أنا فيه من حال لم أترك الالتجاء إلى الله والتضرع
إليه ، بل أكثر من العبادات صياماً وصلاة ً وتصدقاً وبراً . وبالأخص بعد
كل توبة ٍ أجددها إذا استرسلت في غيي ، كنت أبكي في صلاتي بكاء الأطفال
متضرعاً إلى الله أدعوه بأسمائه الحسني وصفاته العلى أن يغفر لي وأن يبعدني
عن هذه الشهوة . أواضب على حضور المحاضرات والدروس ، أستمع كثيراً إلى
كتابه .
فأنا وإن كنت ملطخاً بهذه المعصية إلا أن ذلك لا يمكن أن
يبعدني عن ربي ؛ حيث لا ملجأ من الله إلا إليه . والأمر أمره والقضاء قضاؤه
ضاق صدري وضاقت حيلتي ، قد يقول قائل : لماذا لا تبعد عنك الجهاز أو تبيعه
وتستريح ؟ وأنا أقول : يا ليت ذلك ينفع وقد جربته مراراً .
كم من جهازٍ كسرته ، وخسارة خسرتها ، ومع كل ذلك أعود لما أنا عليه .
لا
أخفي عليكم أني فكرة في الإنتحار أكثر من مرة ، ولكن الله سلم وقلت أيهما
أعظم أن أقتل نفسي فأبوء بالإثم العظيم ، أم أجاهد نفسي عن هذه المعصية.
لكل شيء نهاية ولكل أمر مستقر .
كثرت
علي المصائب وتوالت على الخسائر المالية ، وكثرت التعقيدات التي لا أعلم
من أين تأتي ، أصبحت محطم الكيان ، دائم التفكير لا أعلم كيف أنجو وكيف
أخرج من هذا الكهف المظلم .
مر حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
قَالَ : ( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا
فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ
مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ
وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ
وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا )
قلت في نفسي هل كل أعمالي التي أعملها لله وأسعى في أن تكون خالصة له ستذهب هباءً منثوراً يوم القيامة ؟
كانت
الصدقة والصلاة من العبادات المحببة إلى قلبي : حفرت بئراً في إحدى الدول
الإسلامية وكفلت فيها حلقة لتحفيظ القرآن الكريم ، وكفلت يتيماً ، لا أرد
من يسألني مالا ً سواءً صدقة ، أو قرضاً ، كنت مقصد إخواني وأحبابي فيما
يعترض لهم من حاجة .
لا أريد أن أباهي بما عملت ، أو أعجب به ولكن هل
هذا كله سيذهب هباءً منثوراً يوم القيامة ، عندما يستظل الناس في ظل
صدقاتهم يوم الحر الشديد ، آتي أنا أبحث عن صدقاتي فأجدها هباءً منثوراً .
يحرمني
الله عز وجل من مصاحبة نبيه عندما قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل
اليتيم في الجنة كهاتين ...) بكيت على حالي ، وندمت على ما عملت ، هل هناك
مقارنة بين لذة الساعة والساعتين التي أمكث فيها أمام الشاشة لرؤية
العاريات ً وبين رضا الله عز وجل والدخول في الجنة والسلامة من النار ؟!
كنت
وأنا أعمل هذه المعصية ، أبالغ في التحفظ والتأكد من أن أحداً لا يراني ،
وأمحو من جهازي جميع ما يتبقى من صور أو روابط تدل على جريمتي .
غاب عني أن علام الغيوب يعلم ما أفعل ويسمع ويبصر!!
" يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله "
إن
سمعت في البيت صوتاً ، وأمراً غريباً خفت وارتعدت ، ولم أخف من الحي
القيوم الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض والسماء يا الله ما أحلمك ! ما
ألطفك بي !
مرت الأيام تلو الأيام ، وعندما بلغ الأمر منتهاه ، صارحت زوجتي بحالي ، وما أنا فيه .
تفاجأت
المسكينة ، ونظرت إلى بنظرة استغراب واستحقار ، وكأني بها تقول لا أرى منك
إلا كل خير فما الذي دهاك ؟ لقد شعرت بأني لا شيء ، وأني أحقر ما أكون !
طأطأت برأسي أمامها وقلت في أسى وحيرة : ما أدري ما أفعل ، لقد كنت منذ زمن بعيد وأنا على هذه الحال ....
وأنا أقرأ كعادتي في كتاب الله مررت بقوله تعالى : " إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير "
تأملت هذه الآية ووقفت عندها كثيراً كثيراً أمام معناها ، الذين يخشون ربهم بالغيب .
هل
أنا منهم ؟ الغيب معناه ألا يراك أحد ، أن تكون غائباً عن الخلق فلا يراك
أحد فتدعوك نفسك للشهوة ، ثم تقول إن كان أحدٌ لا يراني فالله يراني .
ليس لي نصيب ؟ من أجر هذه الآية إن أنا بت على ما أنا عليه !
لقد بدأ النور يشع في قلبي ، وبدت أزاهير التقوى تتزين في روحي .
عزمت
على التوبة النصوح والندم الصادق ، توجهت إلى الخالق سبحانه ، بقلب منكسر ،
ورح مفتقرة إليه ، ناديته تضرعت إليه ، توسلت إليه بأسمائه الحسنى وصفاته
العلى ، مرغت وجهي في السجود إليه ، ناديت : يا ربي يا خالقي ، إن لم تغفر
لي وترحمني لأكونن من الخاسرين ، يا رب ليس لي ربٌ سواك فأدعوه ، ليس لي
مَن ألجأ إليه إلا أنت ضاقت الأبواب إلا بابك ، يا رب اعصمني من هذه الفتنة
التي أنا فيها يا رب إني فقير إليك ليس بي حول ولا قوة إلا بك .
ربنا
كريم ربنا رحيم ، يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، في سجودي وقيامي وقعودي كان
هذا همي وهذا دعائي ، أنتظر الفرج من الله الكريم فقد ضاقت بي الدنيا ،
وأغلقت أبوبها في وجهي وليس لي إلا الله .
لا يفتر لساني من ذكره ،
وقلبي من التفكر فيه سبحانه في آلائه ومخلوقاته ، الحمد لله انكشفت الغمة
وزالت الظلمة ، تركت هذه المعصية وانسلخ قلبي من التعلق بها ، أحسست أني
أولد من جديد ، استنار قلبي ، وانفرجت أسارير وجهي ، وتحسنت أحوالي .
أسأل
الله العظيم بمنه وكرمة أن يرزقني شكر نعمته ، وأن يلزمني الطريق المستقيم
، والبقاء عليه ، وأن يحسن خاتمي ،،، هذه قصتي أقولها لكم ، كي تجتنبوا ما
وقعت فيه ، ولتعلموا أن الله وحده هو المنجي فلا يتعلق أحد ٌ بغيره ، وهو
يكشف الضر ويرفع البلاء ، وليعلم كل من وقع في الصور والمشاهد الخليعة أنه
يقتل نفسه ، وينسفها إلى أسفل سافلين ،
نسيت " الذين يخشون ربهم بالغيب " و " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم "
و " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور "
و الكم الهائل من الأحاديث التي قد توقظني من سكرتي .
مر اليوم الذي يليه على هذه الحال ، كنت فيه أشره من سابقه ، كنت كالمجنون يبحث عن ليلاه .
تغيرت حالي وتبدلت أحوالي , دائما أفكر , أتهرب ، أتنصل من مسؤلياتي , أفرّعن بر أبي وأمي .
وفي
غمرة السكرة ولجة الظلمة ، استيقظت ، وقلت في نفسي : أنا ماذا فعلت ؟؟؟ هل
أنا مهبول ؟؟ لجأت إلى الله سبحانه , ندمت على ما فات أشد الدم .
كان وقع هذه المعصية كبيراً على نفسي ، بكيت وبكيت وبكيت في سجودي . وقيامي وركوعي .
ولكن النظرة كالجمرة تحرق وتبقي أثراً.
عزمت على ترك ما أنا فيه واستغفرت الله .
لكني
- والأمر بيد الله والحكم حكمه – لا أزال أعاني من توارد تلك المشاهد
والصور ، على تفكيري تشغلني كثيراً في أغلب أوقاتي ، ومع كثرة هذه الأفكار
التي ترد عليّ وإلحاحها على ذهني ، وقعت في الفخ مرة أخرى !!!
نعم وقعت في الفخ مرة أخرى ! عدت لما كنت عليه بل صرت أكثر احترافاً ومقدرةً
أظلم قلبي ، وشغفت بتلك المناظر شغف الخليل إلى خليله .
كنت أظهر للناس بمظهري السابق ، الإلتزام ، الخلق الحسن ، حفظ القرآن ....
وكنت أبطن في نفسي الكم الهائل من المناظر والصور العارية لأجساد الكفرة والفسقة .
أتوب وألجأ إلى الله ، ثم أعود مرة أخرى , على هذه الحال مراراً وتكراراً !!
نذرت على نفسي النذور وأخذت عليها العهود والمواثيق ، ولكن لا جدوى , فدائماً قلبي مشغوف بالصور .
قلت في نفسي السبب جهاز الحاسوب ، هو الذي يعيني على هذه المعصية ، ثم إن جهاز المودم هو الوسيلة الوحيدة للاتصال بهذه المواقع .
أخذت مفتاحاً ثم قمت وأنا في حنق وغضب أكسر المودم وأهشمه حتى أيقنت أنه تعطل وأصبح لا جدوى له .
حمدت الله وشكرته إذ ، لا مواقع بعد اليوم .
بقيت في حال جميلة فقد عدت إلى ما كنت عليه من التقى والصلاح .
ولكن
لا زالت المناظر التي رأيتها تُـعرض عليَّ ، ويمر طيفها على خيالي . لا
أراها بعيني ، ولكن أرها في فكري , في ذهابي ، وإيابي ، حتى في صلاتي . عشت
أياماً عصيبت , أصارع فيها نفسي , وشهواتي .
كنت المنهزم دائماً أمام
نفسي فلا ألبث أن أعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه والبحث عن مواقع السوء لا
أخفيكم سراً ، أنني مع مرور الزمن لم أكن أتلذذ برؤية هذه الصورة لذة تذكر ،
بل أحس أني أجر إليها جراً وأسعى إليها بلا سبب يدعوني إلى ذلك ، ناهيك عن
الحسرات والآهات التي كنت أتجرعها !
لا أكتمكم أيضاً أن شؤم هذه
المعصية بدأ يترآ لي بين الفينة والأخرى ، كانت المصيبة تأتيني وأقول في
نفسي هذه والله المعاصي ، هذا من النظر إلى ما حرم الله ، هذا مصداق قول
الله عز وجل : " وما أصابكم من مصيبة ٍ فبما كسبت أيدكم ..." الآية .
كم
مرة حرمت من الرزق وأنا أراه يأتي إلي ، بل والله إني أرى بعض الأمور التي
أسعى إليها من أمور الدنيا كترقية أو انتقال أو غيره ليس بين تحقيقها إلا
اليسير ، ثم أرها تذهب عني ، وتنتقل إلى غيري وقد أعقبتني حسرة وندم .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن العبد ليحرم الرزق بسبب الذنب يصيبه ) .
أعود
إليكم وأقول أنني مع ما أنا فيه من حال لم أترك الالتجاء إلى الله والتضرع
إليه ، بل أكثر من العبادات صياماً وصلاة ً وتصدقاً وبراً . وبالأخص بعد
كل توبة ٍ أجددها إذا استرسلت في غيي ، كنت أبكي في صلاتي بكاء الأطفال
متضرعاً إلى الله أدعوه بأسمائه الحسني وصفاته العلى أن يغفر لي وأن يبعدني
عن هذه الشهوة . أواضب على حضور المحاضرات والدروس ، أستمع كثيراً إلى
كتابه .
فأنا وإن كنت ملطخاً بهذه المعصية إلا أن ذلك لا يمكن أن
يبعدني عن ربي ؛ حيث لا ملجأ من الله إلا إليه . والأمر أمره والقضاء قضاؤه
ضاق صدري وضاقت حيلتي ، قد يقول قائل : لماذا لا تبعد عنك الجهاز أو تبيعه
وتستريح ؟ وأنا أقول : يا ليت ذلك ينفع وقد جربته مراراً .
كم من جهازٍ كسرته ، وخسارة خسرتها ، ومع كل ذلك أعود لما أنا عليه .
لا
أخفي عليكم أني فكرة في الإنتحار أكثر من مرة ، ولكن الله سلم وقلت أيهما
أعظم أن أقتل نفسي فأبوء بالإثم العظيم ، أم أجاهد نفسي عن هذه المعصية.
لكل شيء نهاية ولكل أمر مستقر .
كثرت
علي المصائب وتوالت على الخسائر المالية ، وكثرت التعقيدات التي لا أعلم
من أين تأتي ، أصبحت محطم الكيان ، دائم التفكير لا أعلم كيف أنجو وكيف
أخرج من هذا الكهف المظلم .
مر حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
قَالَ : ( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا
فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ
مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ
وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ
وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا )
قلت في نفسي هل كل أعمالي التي أعملها لله وأسعى في أن تكون خالصة له ستذهب هباءً منثوراً يوم القيامة ؟
كانت
الصدقة والصلاة من العبادات المحببة إلى قلبي : حفرت بئراً في إحدى الدول
الإسلامية وكفلت فيها حلقة لتحفيظ القرآن الكريم ، وكفلت يتيماً ، لا أرد
من يسألني مالا ً سواءً صدقة ، أو قرضاً ، كنت مقصد إخواني وأحبابي فيما
يعترض لهم من حاجة .
لا أريد أن أباهي بما عملت ، أو أعجب به ولكن هل
هذا كله سيذهب هباءً منثوراً يوم القيامة ، عندما يستظل الناس في ظل
صدقاتهم يوم الحر الشديد ، آتي أنا أبحث عن صدقاتي فأجدها هباءً منثوراً .
يحرمني
الله عز وجل من مصاحبة نبيه عندما قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل
اليتيم في الجنة كهاتين ...) بكيت على حالي ، وندمت على ما عملت ، هل هناك
مقارنة بين لذة الساعة والساعتين التي أمكث فيها أمام الشاشة لرؤية
العاريات ً وبين رضا الله عز وجل والدخول في الجنة والسلامة من النار ؟!
كنت
وأنا أعمل هذه المعصية ، أبالغ في التحفظ والتأكد من أن أحداً لا يراني ،
وأمحو من جهازي جميع ما يتبقى من صور أو روابط تدل على جريمتي .
غاب عني أن علام الغيوب يعلم ما أفعل ويسمع ويبصر!!
" يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله "
إن
سمعت في البيت صوتاً ، وأمراً غريباً خفت وارتعدت ، ولم أخف من الحي
القيوم الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض والسماء يا الله ما أحلمك ! ما
ألطفك بي !
مرت الأيام تلو الأيام ، وعندما بلغ الأمر منتهاه ، صارحت زوجتي بحالي ، وما أنا فيه .
تفاجأت
المسكينة ، ونظرت إلى بنظرة استغراب واستحقار ، وكأني بها تقول لا أرى منك
إلا كل خير فما الذي دهاك ؟ لقد شعرت بأني لا شيء ، وأني أحقر ما أكون !
طأطأت برأسي أمامها وقلت في أسى وحيرة : ما أدري ما أفعل ، لقد كنت منذ زمن بعيد وأنا على هذه الحال ....
وأنا أقرأ كعادتي في كتاب الله مررت بقوله تعالى : " إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير "
تأملت هذه الآية ووقفت عندها كثيراً كثيراً أمام معناها ، الذين يخشون ربهم بالغيب .
هل
أنا منهم ؟ الغيب معناه ألا يراك أحد ، أن تكون غائباً عن الخلق فلا يراك
أحد فتدعوك نفسك للشهوة ، ثم تقول إن كان أحدٌ لا يراني فالله يراني .
ليس لي نصيب ؟ من أجر هذه الآية إن أنا بت على ما أنا عليه !
لقد بدأ النور يشع في قلبي ، وبدت أزاهير التقوى تتزين في روحي .
عزمت
على التوبة النصوح والندم الصادق ، توجهت إلى الخالق سبحانه ، بقلب منكسر ،
ورح مفتقرة إليه ، ناديته تضرعت إليه ، توسلت إليه بأسمائه الحسنى وصفاته
العلى ، مرغت وجهي في السجود إليه ، ناديت : يا ربي يا خالقي ، إن لم تغفر
لي وترحمني لأكونن من الخاسرين ، يا رب ليس لي ربٌ سواك فأدعوه ، ليس لي
مَن ألجأ إليه إلا أنت ضاقت الأبواب إلا بابك ، يا رب اعصمني من هذه الفتنة
التي أنا فيها يا رب إني فقير إليك ليس بي حول ولا قوة إلا بك .
ربنا
كريم ربنا رحيم ، يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، في سجودي وقيامي وقعودي كان
هذا همي وهذا دعائي ، أنتظر الفرج من الله الكريم فقد ضاقت بي الدنيا ،
وأغلقت أبوبها في وجهي وليس لي إلا الله .
لا يفتر لساني من ذكره ،
وقلبي من التفكر فيه سبحانه في آلائه ومخلوقاته ، الحمد لله انكشفت الغمة
وزالت الظلمة ، تركت هذه المعصية وانسلخ قلبي من التعلق بها ، أحسست أني
أولد من جديد ، استنار قلبي ، وانفرجت أسارير وجهي ، وتحسنت أحوالي .
أسأل
الله العظيم بمنه وكرمة أن يرزقني شكر نعمته ، وأن يلزمني الطريق المستقيم
، والبقاء عليه ، وأن يحسن خاتمي ،،، هذه قصتي أقولها لكم ، كي تجتنبوا ما
وقعت فيه ، ولتعلموا أن الله وحده هو المنجي فلا يتعلق أحد ٌ بغيره ، وهو
يكشف الضر ويرفع البلاء ، وليعلم كل من وقع في الصور والمشاهد الخليعة أنه
يقتل نفسه ، وينسفها إلى أسفل سافلين ،