مسائل متنوعة في الشرك والتوكل والأخذ بالأسباب
صفحة 1 من اصل 1
مسائل متنوعة في الشرك والتوكل والأخذ بالأسباب
مسائل متنوعة في الشرك والتوكل والأخذ بالأسباب
السؤال:
ما المقصود بإرادة الإنسان بحسناته الدنيا، فمثلا إن استغفر الإنسان بنية الاستغفار والرزق في الدنيا ، فهل يكون مشركا ؟ أو تصدق بنية الشفاء ، فهل يكون مشركا ؟ وإن أراد الإنسان أن يوسع له في رزقه ، فهل يكون عبد الدينار ؟ وهل قول الرجل : "هذا مالي ورثته عن أجدادي" شرك ؟ وهل قول : "اليابان تطورت بسبب التفاني في العمل" شرك؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إذا أراد الإنسان بعمله الصالح الدنيا ولم تخطر الآخرة له على بال : لم يصح عمله ، ولم يقبل منه ، حتى يريد به وجه الله .
فقد روى الإمام أحمد (20715) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (2825) .
أما إذا عمل العمل وأراد به حسنة الدنيا والآخرة ، فلا حرج عليه في ذلك .
قال القرافي رحمه الله :
" وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّشْرِيكِ كَمَنْ جَاهَدَ لِيُحَصِّلَ طَاعَةَ اللَّهِ بِالْجِهَادِ وَلِيُحَصِّلَ الْمَالَ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ وَلَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ .
وَكَذَلِكَ مَنْ صَامَ لِيَصِحَّ جَسَدُهُ ، أَوْ لِيَحْصُلَ لَهُ زَوَالُ مَرَضٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يُنَافِيهَا الصِّيَامُ ، وَيَكُونُ التَّدَاوِي هُوَ مَقْصُودُهُ ، أَوْ بَعْضُ مَقْصُودِهِ ، وَالصَّوْمُ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ ، وَأَوْقَعَ الصَّوْمَ مَعَ هَذِهِ الْمَقَاصِدِ ،لَا تَقْدَحُ هَذِهِ الْمَقَاصِدُ فِي صَوْمِهِ ، بَلْ أَمَرَ بِهَا صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) أَيْ قَاطِعٌ .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءَهُ وَيَنْوِيَ التَّبَرُّدَ أَوْ التَّنْظِيفَ ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا تَعْظِيمُ الْخَلْقِ ، بَلْ هِيَ تَشْرِيك أُمُورٍ مِنْ الْمَصَالِحِ لَيْسَ لَهَا إدْرَاكٌ ، وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِدْرَاكِ وَلَا لِلتَّعْظِيمِ ، فَلَا تَقْدَحُ فِي الْعِبَادَاتِ .
نَعَمْ لَا يَمْنَعُ أَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ الْمُخَالِطَةَ لِلْعِبَادَةِ قَدْ تنْقصُ الْأَجْرَ ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْهَا زَادَ الْأَجْرُ وَعَظُمَ الثَّوَابُ ، أَمَّا الْإِثْمُ وَالْبُطْلَانُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ ، وَمِنْ جِهَتِهِ حَصَلَ الْفَرْقُ لَا مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ " انتهى باختصار من "الفروق" (4 / 429-430) .
وينظر جواب السؤال رقم: (84018) .
فمن استغفر بنية الاستغفار وطلب الرزق ، أو تصدق للشفاء فلا حرج عليه في ذلك .
ثانياً :
طلب الإنسان أن يوسع عليه في رزقه ، وإرادته لذلك لا حرج فيه ؛ لأنه طلب لأمر من الأمور المباحة ، وإذا طلب ذلك لينفق في سبيل الله كان طلبه مستحبا مشروعا ، بخلاف من يطلب ذلك تكثرا وزيادة وحرصا على الدنيا وزينتها فهذا مذموم ، وحظه من الذم بقدر ما يؤدي ذلك إليه من الإثم .
وقد روى البخاري (6344) ومسلم (660) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " قَالَتْ أُمِّي : يَا رَسُولَ اللَّهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ ! ادْعُ اللَّهَ لَهُ . فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ ) .
ثالثا :
قول الرجل " هذا مالي ورثته عن أجدادي " ليس من الشرك ؛ لأنه أثبت السبب الشرعي والقدري في حصوله على هذا المال ، وهو التوريث ، وهذا لا مؤاخذة فيه .
أما من يقول ذلك تكبرا على الخلق وتعاظما ، وتفاخرا بالانتساب إلى أجداده ذوي اليسار والغنى والمكانة ، فهذا حاله مذموم ، وفعله هذا من أفعال الجاهلية .
رابعاً :
قول القائل " تطورت اليابان بسبب التفاني في العمل " ليس من الشرك إذا اعتقد أن ذلك بمشيئة الله ؛ لأن ذلك هو الذي حصل فعلا ، وثمرة هذا القول في إثبات فضل المثابرة والتصميم ، وبذل الجهد والتفاني في العمل .
أما من اعتقد أن اليابان وصلت إلى ما وصلت إليه بعقول أبنائها النيرة وأعمالهم الجليلة ومجهوداتهم الجبارة ، دون أن يكون ذلك عنده بتقدير الله وإرادته ومشيئته – فهو كافر بالله .
ولا شك أن من يقول مثل ذلك من المسلمين لا يقصد هذا المعنى الفاسد ، إنما يقصد المعنى الأول ، ولا حرج فيه .
والله اعلم
السؤال:
ما المقصود بإرادة الإنسان بحسناته الدنيا، فمثلا إن استغفر الإنسان بنية الاستغفار والرزق في الدنيا ، فهل يكون مشركا ؟ أو تصدق بنية الشفاء ، فهل يكون مشركا ؟ وإن أراد الإنسان أن يوسع له في رزقه ، فهل يكون عبد الدينار ؟ وهل قول الرجل : "هذا مالي ورثته عن أجدادي" شرك ؟ وهل قول : "اليابان تطورت بسبب التفاني في العمل" شرك؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إذا أراد الإنسان بعمله الصالح الدنيا ولم تخطر الآخرة له على بال : لم يصح عمله ، ولم يقبل منه ، حتى يريد به وجه الله .
فقد روى الإمام أحمد (20715) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (2825) .
أما إذا عمل العمل وأراد به حسنة الدنيا والآخرة ، فلا حرج عليه في ذلك .
قال القرافي رحمه الله :
" وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّشْرِيكِ كَمَنْ جَاهَدَ لِيُحَصِّلَ طَاعَةَ اللَّهِ بِالْجِهَادِ وَلِيُحَصِّلَ الْمَالَ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ وَلَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ .
وَكَذَلِكَ مَنْ صَامَ لِيَصِحَّ جَسَدُهُ ، أَوْ لِيَحْصُلَ لَهُ زَوَالُ مَرَضٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يُنَافِيهَا الصِّيَامُ ، وَيَكُونُ التَّدَاوِي هُوَ مَقْصُودُهُ ، أَوْ بَعْضُ مَقْصُودِهِ ، وَالصَّوْمُ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ ، وَأَوْقَعَ الصَّوْمَ مَعَ هَذِهِ الْمَقَاصِدِ ،لَا تَقْدَحُ هَذِهِ الْمَقَاصِدُ فِي صَوْمِهِ ، بَلْ أَمَرَ بِهَا صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) أَيْ قَاطِعٌ .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءَهُ وَيَنْوِيَ التَّبَرُّدَ أَوْ التَّنْظِيفَ ، وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا تَعْظِيمُ الْخَلْقِ ، بَلْ هِيَ تَشْرِيك أُمُورٍ مِنْ الْمَصَالِحِ لَيْسَ لَهَا إدْرَاكٌ ، وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِدْرَاكِ وَلَا لِلتَّعْظِيمِ ، فَلَا تَقْدَحُ فِي الْعِبَادَاتِ .
نَعَمْ لَا يَمْنَعُ أَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ الْمُخَالِطَةَ لِلْعِبَادَةِ قَدْ تنْقصُ الْأَجْرَ ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْهَا زَادَ الْأَجْرُ وَعَظُمَ الثَّوَابُ ، أَمَّا الْإِثْمُ وَالْبُطْلَانُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ ، وَمِنْ جِهَتِهِ حَصَلَ الْفَرْقُ لَا مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ " انتهى باختصار من "الفروق" (4 / 429-430) .
وينظر جواب السؤال رقم: (84018) .
فمن استغفر بنية الاستغفار وطلب الرزق ، أو تصدق للشفاء فلا حرج عليه في ذلك .
ثانياً :
طلب الإنسان أن يوسع عليه في رزقه ، وإرادته لذلك لا حرج فيه ؛ لأنه طلب لأمر من الأمور المباحة ، وإذا طلب ذلك لينفق في سبيل الله كان طلبه مستحبا مشروعا ، بخلاف من يطلب ذلك تكثرا وزيادة وحرصا على الدنيا وزينتها فهذا مذموم ، وحظه من الذم بقدر ما يؤدي ذلك إليه من الإثم .
وقد روى البخاري (6344) ومسلم (660) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " قَالَتْ أُمِّي : يَا رَسُولَ اللَّهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ ! ادْعُ اللَّهَ لَهُ . فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ ) .
ثالثا :
قول الرجل " هذا مالي ورثته عن أجدادي " ليس من الشرك ؛ لأنه أثبت السبب الشرعي والقدري في حصوله على هذا المال ، وهو التوريث ، وهذا لا مؤاخذة فيه .
أما من يقول ذلك تكبرا على الخلق وتعاظما ، وتفاخرا بالانتساب إلى أجداده ذوي اليسار والغنى والمكانة ، فهذا حاله مذموم ، وفعله هذا من أفعال الجاهلية .
رابعاً :
قول القائل " تطورت اليابان بسبب التفاني في العمل " ليس من الشرك إذا اعتقد أن ذلك بمشيئة الله ؛ لأن ذلك هو الذي حصل فعلا ، وثمرة هذا القول في إثبات فضل المثابرة والتصميم ، وبذل الجهد والتفاني في العمل .
أما من اعتقد أن اليابان وصلت إلى ما وصلت إليه بعقول أبنائها النيرة وأعمالهم الجليلة ومجهوداتهم الجبارة ، دون أن يكون ذلك عنده بتقدير الله وإرادته ومشيئته – فهو كافر بالله .
ولا شك أن من يقول مثل ذلك من المسلمين لا يقصد هذا المعنى الفاسد ، إنما يقصد المعنى الأول ، ولا حرج فيه .
والله اعلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى