حكم أخذ الفأل من المصحف
صفحة 1 من اصل 1
حكم أخذ الفأل من المصحف
حكم أخذ الفأل من المصحف
بدلا من أداء صلاة الاستخارة يقوم بعض الناس
بانتقاء مواضع عشوائية في القرآن الكريم ثم يقومون بعد ذلك بالبحث عن شيء
ما في الصفحة التي اختاروها من المصحف لتعطيهم إشارة تؤثر علي قرارهم. علي
سبيل المثال، هناك ابنة متزوجة جاءت لتعيش مع والديها لأن زوجها لا يعطيها
حقوقها. وهي تريد الطلاق وأمها قامت بفتح المصحف وكانت قصة موسى عليه
السلام وأمه والتي تقول أنها إن خافت عليه تلقيه في اليم ومن هذه القصة
فهمت أن ابنتها عليها أن تعود لزوجها. هل يمكنكم أن تشرحوا لي الأمر؟
الجواب :
الحمد لله
صلاة الاستخارة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يغني عنها ما ذكرت من
" أخذ الفأل من المصحف " بل هذا الأخذ من المصحف محرم عند جماعة من العلماء لأنه من
باب الاستقسام بالأزلام .
قال
القرافي رحمه الله : " وأما الفأل الحرام فقد قال الطرطوشي في تعليقه إن أخذ :
الفأل من المصحف وضرب الرمل والقرعة والضرب بالشعير وجميع هذا النوع حرام ; لأنه من
باب الاستقسام بالأزلام . والأزلام أعواد كانت في الجاهلية مكتوب على أحدهما افعل
وعلى الآخر لا تفعل وعلى الآخر غفل فيخرج أحدها , فإن وجد عليه افعل أقدم على حاجته
التي يقصدها أو لا تفعل أعرض عنها واعتقد أنها ذميمة , أو خرج المكتوب عليه غفل
أعاد الضرب فهو يطلب قسمه من الغيب بتلك الأعواد فهو استقسام أي طلب القسم ، الجيّد
يتبعه , والرديء يتركه , وكذلك من أخذ الفأل من المصحف أو غيره إنما يعتقد هذا
المقصد إن خرج جيدا اتبعه أو رديئا اجتنبه ، فهو عين الاستقسام بالأزلام الذي ورد
القرآن بتحريمه فيحرم ." انتهى من "الفروق" (4/ 240).
وقال النفراوي : " و كان عليه السلام يحب الفأل الحسن ، وهو ما ينشرح له صدره
كالكلمة الطيبة , ففي الصحيح : ( لا طيرة وخيرها الفأل , قيل : يا رسول الله وما
الفأل ؟ قال : الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ) وفي رواية : ( ويعجبني الفأل ) . وفي
رواية : ( وأحب الفأل الصالح ). مثاله : إذا خرج لسفر أو إلى عيادة مريض وسمع : يا
سالم يا غانم أو يا عافية . هذا إذا لم يقصده , وأما إذا قصد سماع الفأل ليعمل على
ما يسمع من خير أو شر فلا يجوز , لأنه من الأزلام المحرمة التي كانت تفعلها
الجاهلية وهي قداح ... وفي معنى هذا مما لا يجوز فعله استخراج الفأل من المصحف فإنه
نوع من الاستقسام بالأزلام , ولأنه قد يخرج له ما لا يريد فيؤدي ذلك إلى التشاؤم
بالقرآن , فمن أراد أمرا وسمع ما يسوء لا يرجع عن أمره وليقل : اللهم لا يأتي
بالخير إلا أنت , ولا يأتي بالشر أو لا يدفع الشر إلا أنت " انتهى من "الفواكه
الدواني" (2/ 342).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن استفتاح الفأل من المصحف فأجاب : " وأما
استفتاح الفأل في المصحف: فلم ينقل عن السلف فيه شيء وقد تنازع فيه المتأخرون. وذكر
القاضي أبو يعلى فيه نزاعا: ذكر عن ابن بطة أنه فعله وذكر عن غيره أنه كرهه ، فإن
هذا ليس الفأل الذي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يحب الفأل ويكره
الطيرة. والفأل الذي يحبه هو أن يفعل أمرا أو يعزم عليه متوكلا على الله فيسمع
الكلمة الحسنة التي تسره: مثل أن يسمع يا نجيح يا مفلح يا سعيد يا منصور ونحو ذلك ،
كما لقي في سفر الهجرة رجلا فقال: ( ما اسمك؟ ) قال : يزيد. قال: ( يا أبا بكر يزيد
أمرنا ) . وأما الطيرة بأن يكون قد فعل أمرا متوكلا على الله أو يعزم عليه فيسمع
كلمة مكروهة : مثل ما يَتم أو ما يفلح ونحو ذلك ، فيتطير ويترك الأمر فهذا منهي عنه
كما في الصحيح عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله منا قوم يتطيرون
قال: ( ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم ) فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن
تصد الطيرة العبد عما أراد . فهو في كل واحد من محبته للفأل وكراهته للطيرة إنما
يسلك مسلك الاستخارة لله والتوكل عليه والعمل بما شرع له من الأسباب ، لم يجعل
الفأل آمرا له وباعثا له على الفعل ، ولا الطيرة ناهية له عن الفعل . وإنما يأتمر
وينتهي عن مثل ذلك أهلُ الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام ، وقد حرم الله الاستقسام
بالأزلام في آيتين من كتابه ، وكانوا إذا أرادوا أمرا من الأمور أحالوا به قداحا
مثل السهام أو الحصى أو غير ذلك وقد علّموا على هذا علامة الخير وعلى هذا علامة
الشر وآخر غفل. فإذا خرج هذا فعلوا وإذا خرج هذا تركوا وإذا خرج الغفل أعادوا
الاستقسام. فهذه الأنواع التي تدخل في ذلك مثل الضرب بالحصى والشعير واللوح والخشب
والورق المكتوب عليه حروف أبجد أو أبيات من الشعر أو نحو ذلك مما يطلب به الخيرة
فيما يفعله الرجل ويتركه ينهى عنها لأنها من باب الاستقسام بالأزلام ، وإنما يسن له
استخارة الخالق واستشارة المخلوق والاستدلال بالأدلة الشرعية التي تبين ما يحبه
الله ويرضاه وما يكرهه وينهى عنه. وهذه الأمور تارة يقصد بها الاستدلال على ما
يفعله العبد : هل هو خير أم شر؟ وتارة الاستدلال على ما يكون فيه نفع في الماضي
والمستقبل. وكلاً غير مشروع ، والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (23/ 66).
فتبين بهذا أن أخذ الفأل من المصحف أي فتحه والنظر فيما يخرج ، وبناء التصرف على
ذلك ، محرم ، وهو من الاستقسام بالأزلام ، بخلاف الفأل الحسن الذي يأتي بعد مباشرة
الإنسان للعمل ، فيسمع كلمة حسنة دون قصد ولا بحث .
وما
جاء في السؤال عن الزوجة التي لا يعطيها زوجها حقها ، يدل على فساد الطريقة
المذكورة ، فإن لقائل أن يقول : بل الآية تدل على الفراق والبعد حتى مع خوف العواقب
، كما ألقت أم موسى لابنها في اليم وكانت العاقبة لها !
والواجب في مثل هذا أن ينظر في المشكلة وأسبابها وطرق علاجها بالوسائل المشروعة
كالنصيحة وبعث الحكمين من أهل الزوج وأهل الزوجة .. إلخ .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب
بدلا من أداء صلاة الاستخارة يقوم بعض الناس
بانتقاء مواضع عشوائية في القرآن الكريم ثم يقومون بعد ذلك بالبحث عن شيء
ما في الصفحة التي اختاروها من المصحف لتعطيهم إشارة تؤثر علي قرارهم. علي
سبيل المثال، هناك ابنة متزوجة جاءت لتعيش مع والديها لأن زوجها لا يعطيها
حقوقها. وهي تريد الطلاق وأمها قامت بفتح المصحف وكانت قصة موسى عليه
السلام وأمه والتي تقول أنها إن خافت عليه تلقيه في اليم ومن هذه القصة
فهمت أن ابنتها عليها أن تعود لزوجها. هل يمكنكم أن تشرحوا لي الأمر؟
الجواب :
الحمد لله
صلاة الاستخارة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يغني عنها ما ذكرت من
" أخذ الفأل من المصحف " بل هذا الأخذ من المصحف محرم عند جماعة من العلماء لأنه من
باب الاستقسام بالأزلام .
قال
القرافي رحمه الله : " وأما الفأل الحرام فقد قال الطرطوشي في تعليقه إن أخذ :
الفأل من المصحف وضرب الرمل والقرعة والضرب بالشعير وجميع هذا النوع حرام ; لأنه من
باب الاستقسام بالأزلام . والأزلام أعواد كانت في الجاهلية مكتوب على أحدهما افعل
وعلى الآخر لا تفعل وعلى الآخر غفل فيخرج أحدها , فإن وجد عليه افعل أقدم على حاجته
التي يقصدها أو لا تفعل أعرض عنها واعتقد أنها ذميمة , أو خرج المكتوب عليه غفل
أعاد الضرب فهو يطلب قسمه من الغيب بتلك الأعواد فهو استقسام أي طلب القسم ، الجيّد
يتبعه , والرديء يتركه , وكذلك من أخذ الفأل من المصحف أو غيره إنما يعتقد هذا
المقصد إن خرج جيدا اتبعه أو رديئا اجتنبه ، فهو عين الاستقسام بالأزلام الذي ورد
القرآن بتحريمه فيحرم ." انتهى من "الفروق" (4/ 240).
وقال النفراوي : " و كان عليه السلام يحب الفأل الحسن ، وهو ما ينشرح له صدره
كالكلمة الطيبة , ففي الصحيح : ( لا طيرة وخيرها الفأل , قيل : يا رسول الله وما
الفأل ؟ قال : الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ) وفي رواية : ( ويعجبني الفأل ) . وفي
رواية : ( وأحب الفأل الصالح ). مثاله : إذا خرج لسفر أو إلى عيادة مريض وسمع : يا
سالم يا غانم أو يا عافية . هذا إذا لم يقصده , وأما إذا قصد سماع الفأل ليعمل على
ما يسمع من خير أو شر فلا يجوز , لأنه من الأزلام المحرمة التي كانت تفعلها
الجاهلية وهي قداح ... وفي معنى هذا مما لا يجوز فعله استخراج الفأل من المصحف فإنه
نوع من الاستقسام بالأزلام , ولأنه قد يخرج له ما لا يريد فيؤدي ذلك إلى التشاؤم
بالقرآن , فمن أراد أمرا وسمع ما يسوء لا يرجع عن أمره وليقل : اللهم لا يأتي
بالخير إلا أنت , ولا يأتي بالشر أو لا يدفع الشر إلا أنت " انتهى من "الفواكه
الدواني" (2/ 342).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن استفتاح الفأل من المصحف فأجاب : " وأما
استفتاح الفأل في المصحف: فلم ينقل عن السلف فيه شيء وقد تنازع فيه المتأخرون. وذكر
القاضي أبو يعلى فيه نزاعا: ذكر عن ابن بطة أنه فعله وذكر عن غيره أنه كرهه ، فإن
هذا ليس الفأل الذي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يحب الفأل ويكره
الطيرة. والفأل الذي يحبه هو أن يفعل أمرا أو يعزم عليه متوكلا على الله فيسمع
الكلمة الحسنة التي تسره: مثل أن يسمع يا نجيح يا مفلح يا سعيد يا منصور ونحو ذلك ،
كما لقي في سفر الهجرة رجلا فقال: ( ما اسمك؟ ) قال : يزيد. قال: ( يا أبا بكر يزيد
أمرنا ) . وأما الطيرة بأن يكون قد فعل أمرا متوكلا على الله أو يعزم عليه فيسمع
كلمة مكروهة : مثل ما يَتم أو ما يفلح ونحو ذلك ، فيتطير ويترك الأمر فهذا منهي عنه
كما في الصحيح عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله منا قوم يتطيرون
قال: ( ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم ) فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن
تصد الطيرة العبد عما أراد . فهو في كل واحد من محبته للفأل وكراهته للطيرة إنما
يسلك مسلك الاستخارة لله والتوكل عليه والعمل بما شرع له من الأسباب ، لم يجعل
الفأل آمرا له وباعثا له على الفعل ، ولا الطيرة ناهية له عن الفعل . وإنما يأتمر
وينتهي عن مثل ذلك أهلُ الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام ، وقد حرم الله الاستقسام
بالأزلام في آيتين من كتابه ، وكانوا إذا أرادوا أمرا من الأمور أحالوا به قداحا
مثل السهام أو الحصى أو غير ذلك وقد علّموا على هذا علامة الخير وعلى هذا علامة
الشر وآخر غفل. فإذا خرج هذا فعلوا وإذا خرج هذا تركوا وإذا خرج الغفل أعادوا
الاستقسام. فهذه الأنواع التي تدخل في ذلك مثل الضرب بالحصى والشعير واللوح والخشب
والورق المكتوب عليه حروف أبجد أو أبيات من الشعر أو نحو ذلك مما يطلب به الخيرة
فيما يفعله الرجل ويتركه ينهى عنها لأنها من باب الاستقسام بالأزلام ، وإنما يسن له
استخارة الخالق واستشارة المخلوق والاستدلال بالأدلة الشرعية التي تبين ما يحبه
الله ويرضاه وما يكرهه وينهى عنه. وهذه الأمور تارة يقصد بها الاستدلال على ما
يفعله العبد : هل هو خير أم شر؟ وتارة الاستدلال على ما يكون فيه نفع في الماضي
والمستقبل. وكلاً غير مشروع ، والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (23/ 66).
فتبين بهذا أن أخذ الفأل من المصحف أي فتحه والنظر فيما يخرج ، وبناء التصرف على
ذلك ، محرم ، وهو من الاستقسام بالأزلام ، بخلاف الفأل الحسن الذي يأتي بعد مباشرة
الإنسان للعمل ، فيسمع كلمة حسنة دون قصد ولا بحث .
وما
جاء في السؤال عن الزوجة التي لا يعطيها زوجها حقها ، يدل على فساد الطريقة
المذكورة ، فإن لقائل أن يقول : بل الآية تدل على الفراق والبعد حتى مع خوف العواقب
، كما ألقت أم موسى لابنها في اليم وكانت العاقبة لها !
والواجب في مثل هذا أن ينظر في المشكلة وأسبابها وطرق علاجها بالوسائل المشروعة
كالنصيحة وبعث الحكمين من أهل الزوج وأهل الزوجة .. إلخ .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى