لماذا خص الله الصوم بقوله : (الصيام لي وأنا أجزي به)؟
لما كانت الأعمال كلها لله وهو الذي يجزي بها لماذا خص الصوم به؟
1-خص الله الصوم به لأن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره من العبادات ،كالصلاة حين يراه الناس يصلي يكون فيه نوع من الرياء والحج حين عودته يكون فيه نوع من الرياء ..لكن الصوم لا لانه يكون بين العبد وخالقه فبامكانه أن يفطر ويتظاهر للناس أنه صائم لكنه لا يفعل هذا وانما يترك جميع الشهوات وهو قمة الاخلاص قال القرطبي : لما كانت الأعمال يدخلها الرياء ، والصوم لا يطلع عليه إلا الله أضافه إلى نفسه.
2- أن المراد بقوله : ( وأنا أجزى به ) أني أنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته . قال القرطبي :معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير . ويشهد لهذا رواية مسلم (1151) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ، وهذا كقوله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
3- أن معنى قوله : ( الصوم لي ) أي أنه أحب العبادات إلي والمقدم عندي .
- والصوم سريته أعظم من بقية العبادات و الله تعالى هو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فهو الذي يعلم الخطرات والنظرات فضلاً عن فلتات اللسان وغيرها مما قد ينغص الصوم فيجزي بكل ذلك لأنه أعلم به ، فالصوم من أعظم ما يتحقق فيه مقام الإحسان! الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: ( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) [رواه مسلم ] ..