صور من التمائم والتشاؤم يقع فيه بعض المسلمين
السؤال :
بعض الأمهات للأسف الشديد منتشر بينهم عادات غلط ، وخطر بنفس الوقت ،
ومخالفة للدين ..منها :
1. الحزازة للطفل المولود الذي يصيبه الحزق ، فيقومون بجمع أي مبلغ مهما
كان من سبعة أشخاص ، على شرط أن يكون اسمهم " محمد " ، ويذهبون به إلى "
حدَّاد " لعمل ما يسمونه " الحزازة " تقريبا ؛ ليعلقوها بملابس الطفل ،
فيذهب عنه الحزق .
2. المرأة بعد وضعها للطفل وهي في حالة النفاس لا يجب أن يدخل عليها امرأة
أخرى عليها الدورة الشهرية ؛ لأنها تمنعها من الإنجاب .
3. البنات الصغار بعد أن تتم لهن عملية الختان لا يجب أيضا أن يدخلن على
بعض .
وأشياء كثيرة من هذا القبيل ، وأريد أعرف الدلائل الدينية لتحريم هذا ؛
لأني أعتقد أن أول مسألة هي مثل التمائم ، وفيها شرك بالله .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
هذه
الخرافات التي يتناقلها كثيرون قولاً ، وعملاً لا يدل عليها شرع ولا عقل ، بل ورد
الشرع بالنهي عنها وتحريمها ، وأنها من صور الشرك .
والخرافات الثلاثة الواردة في السؤال : الأول منها : يدخل في حكم " التمائم " ،
والثاني والثالث منها : يدخل في حكم " الطيَرة " وهي : " التشاؤم " ، وقد جاء النص
الواضح أن التمائم والطيرة شرك .
ثانياً:
أما
الخرافة الأولى :
فلها حكم التمائم جمع " تميمة " وسميت كذلك لاعتقادهم أنه بها يتم النفع ودفع الضر
- وهي أشياء يعلقونها ، مثل : الخرز ، والخيوط ، وحدوة الفرس ، والعين الزرقاء ،
والكف ، وغيرها كثير مما يعتقدون فيها أنها تجلب خيراً ونفعاً ، أو تدفع شرّاً
وضرّاً .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ )
.
رواه أبو داود ( 3883 ) ، وابن ماجه ( 3530 )، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وحكم هذه " التمائم " – ومنها ما جاء في السؤال من تعليق " الحزازة " - : أن متخذها
، أو المعلِّق لها إن اعتقد أنها سبب لجلب النفع ، ودفع الضر ، وأن النفع والضر بيد
الله تعالى : فقد وقع في الشرك الأصغر ؛ لأنه جعل ما ليس سبباً سبباً .
وإن
اعتقد أنها تنفع وتضر بذاتها : فقد وقع في الشرك الأكبر .
فالواجب على كل من اتخذ شيئاً من ذلك ، أو ما يشبهه : أن يتخلص منه ، وأن يتوب إلى
الله تعالى .
فعن
أَبَي بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، وَالنَّاسُ
فِي مَبِيتِهِمْ ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَسُولًا : ( أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ -
أَوْ قِلَادَةٌ - إِلَّا قُطِعَتْ ) .
رواه البخاري ( 2843 ) ومسلم ( 2115 ) .
قال
الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"
قوله : ( قلادة من وَتَر - أو قلادة - ) شك من الراوي ، والأول أرجح ؛ لأن القلائد
كانت تُتخذ من الأوتار ، ويعتقدون أن ذلك يدفع العين عن البعير ، وهذا اعتقاد فاسد
؛ لأنه تعلق بما ليس بسبب ، وقد سبق أن التعلق بما ليس بسبب شرعي ، أو حسي : شرك ؛
لأنه بتعلقه أثبت للأشياء سببًا لم يثبته الله ، لا بشرعه ، ولا بقدره ، ولهذا أمر
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نقطع هذه القلائد" انتهى .
"
مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 9 / 169 ) .
ثالثاً:
أما
الخرافة الثانية والثالثة :
فهي
من " الطِّيَرة " ، وهي التشاؤم .
وقد ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( الطيَرَةُ شِرْك ) رواه أبو داود ( 3910 ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (
429 ) .
والواقع يكذِّب تلك الخرافات الواردة في السؤال ، فكثيراً ما دخلت النساء الحيَّض
على المرأة النفساء ، تهنئة ، أو صلة : ولم يمنع ذلك من أن تنجب مرة أخرى .
ولمَ لا يدخل البنات المختتنات بعضهن على بعض .
وما
الضرر الذي يسببه دخول امرأة حائض ، أو نفساء ، أو بنت مختتنة ، على بنت قد اختتنت
لتوها ؟! .
إنه
لا ضرر في ذلك ، إنما هي أوهام ، وخرافات ، يتداولها العوام ، مع جهل بالتوحيد ،
وبالعلم الشرعي ، وغياب للعقل .
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم